أرجو الانتباه .. الأمة في خطر

Admin عدد المساهمات : 118 تاريخ التسجيل : 15/09/2009

أرجو الانتباه .. الأمة في خطر
بقلم : د. عفاف بدوي
أستاذ بكلية العلوم
جامعة عين شمس

لا يمكن لأحد أن ينكر دور العلم في مسيرة الأمم. فهيا بنا نلقي نظرة عن قرب من واقع ما يحدث داخل أسوار الجامعة. ومن البديهي أن يبدأ الكلام عن السلبيات لا لشيء إلا انها هي التي تحتاج تدخلاً وتفحصاً وتدقيقاً.. وكلما افتح الحوار مع نفسي من أين يبدأ علاج ما نحن فيه من تدهور للمستوي العلمي وعدم توافق التعليم مع سوق العمل أجد أن عدم حضور الطلاب له النصيب الأوفي من الأهمية. فنحن نحارب الدروس الخصوصية مثلا ولكن في الواقع أن الدروس الخصوصية هي رد فعل وانعكاس للتهاون في حضور الطلاب وحجر الأساس في علاجها ليس في تجريمها ولكن يجب علينا تجريم المسئول عن نجاح الطلاب ومنحهم شهادات عالية دون أن يكون لهم حضور يذكر في دروسهم وخاصة في الكليات العملية.
فمنذ عدة سنوات ونلاحظ جميعا تدني مستوي حضور الطلاب وخاصة في المحاضرات النظرية مما يستدعي منا جميعا أخذ موقف لتفعيل القانون الذي ينص علي حرمان الطالب من دخول الامتحان عندما يزيد غيابه علي 25% من عدد المحاضرات والدروس العملية.. ويجب علينا فهم أن نجاح الطلاب في السنوات السابقة العديدة دون مشقة حضور المحاضرات فتح المجال للعديد من التصرفات التي لا تتناسب مع قداسة العلم وشرف المهنة التي يعتز بها الكثيرون من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات. وهذا يتطلب منا وقفة لمراجعة كل الأمور.. واعتقد إلي أن يتم هذا التغيير بتفعيل القانون يجب توضيح الرؤية لبعض أعضاء هيئة التدريس في:
* أن نسبة النجاح المرتفعة ليست هي المعيار في كفاءة عضو هيئة التدريس.
* أنه من الخطأ أن تكون نسبة حضور الطلاب 30% مثلا وتكون نسبة النجاح 90% أو أكثر. فمعدل النجاح المبالغ فيه هذا له آثار سلبية عديدة. منها:
1 تنعدم عند الطالب أهمية حضور المحاضرات. وهذه خبرة تتناقلها الدفعات المتتالية.
2 يزيد معدل الدروس الخصوصية. ويصبح مصدر التعليم مختلفاً عما هو واجب. والفرق بين المحاضرات والدروس الخصوصية واضح فالمحاضرة هدفها تعليم الطالب "علم وفكر وخلق وسلوك" والدرس الخصوصي هدفه إنجاح الطالب.. وأعتقد أن هناك فارقاً ملموساً بين التعليم والإنجاح. فالمدرس الخصوصي يزيد أجره كلما ركز علي مواطن الأسئلة وأجوبتها فهدفه إنجاح الطالب وفقط.. فأصبح التعليم مجرد تلقين وحفظ لبعض المعلومات التي تؤهل للنجاح.. ولو حتي بتقدير.
3 تنعدم فرصة التقاء الطالب بالأستاذ ليتعلم منه طريقة التفكير العلمي وطريق توصيل المعلومات للآخرين والسلوك والانضباط وما إلي ذلك من مهارات وقيم وسلوكيات. حتي لو قلنا إن المدرجات مزدحمة والجو خانق فيها ولكنها يا سادة تعلم الطالب كثيرا. وإن كان الطالب لا يستطيع إدراك أهميتها فالمسئولية تقع علي عاتق الأستاذ ويجب عليه العمل بشتي الطرق علي التفرقة بين من يحضر المحاضرات ويلم بكل جوانب العملية التعليمية وبين من لا يحضر ويعتمد علي الدروس أو حتي الملخصات التي تزدحم بها المكتبات حول الجامعة قبيل الامتحان. حتي لو قلنا إن حضور المحاضرة يعلم الطالب الالتزام ففي هذا مكسب كبير ونحن كأمة في أمس الحاجة لشعب ملتزم.
فقد أصبح التعليم الآن في الدولة وعلي جميع المستويات مجرد الحصول علي قدر. ولو بسيط. من المعلومات ليحصل في النهاية علي شهادة فقط. والآن هذا هو آخر غاية أغلب الطلاب في كل مكان في مصر. وهذا حتما يؤدي إلي تدني مستوي الخريج العلمي والأخلاقي. وأنا لا أبالغ إذا قلت كذلك. لأن الأخلاق عقيدة وسلوك يتهذبان بالعلم.
ولكي يكون لكل منا دور فعال في هذا الشأن يجب العمل علي توضيح الرؤية لكل أعضاء هيئة التدريس وخاصة حديثي العهد. بأن نسبة النجاح المرتفعة التي تكاد تكون مطلقة مع تدني نسبة الحضور ترجع أساسا إلي أحد هذه الأسباب أو كلها:
1 المحتوي الدراسي دون مستوي الطلاب. وغالبا يكون الطالب قد درس أغلبه في دراسته السابقة.
2 إن مستوي الامتحان يحتاج إعادة نظر. لأن الامتحان الذي لا يفرق بين حضور الطالب من عدمه هو غالبا غير مستوفي الشروط. وما دور الأستاذ في هذه الحالة؟ وما هي نظرة الطالب للأستاذ حين نجاحه دون أن يحضر أياً من محاضراته؟.. أين هذا الكيان المسمي "أستاذ؟".. أري في ذلك تدهوراً رهيباً وخطيراً.
3 هناك سهولة في التصحيح بحيث إن الأستاذ لا يستطيع التفرقة بين الطلاب الذين يواظبون علي حضور المحاضرات وبين أولئك الذين لايعترفون بأهمية وجوده شخصيا في العملية التعليمية مع أن الأستاذ هو عصب هذه المهمة.
وأنا حقيقة أجد ضرورة لأن أضع أمام الناس والرأي العام رؤيتي هذه التي قد لا يوافقني عليها البعض. وخاصة ممن يرون أن نسبة النجاح بغض النظر عن نسبة حضور الطلاب هي معيار لكفاءة عضو هيئة التدريس كما لو كانت مهمتنا إنجاح الطلاب وليس تعليمهم.. أنا فعلا آسفة جدا لتدني مستوي التعليم إلي هذا الحد وعسي أن يكون في كلامي ولو دفعة بسيطة لإعادة تقييم أهمية حضور الطالب وعاقبة إنجاح الطلاب دون أن يكون لهم حضور ملموس في المحاضرات.

Admin عدد المساهمات : 118 تاريخ التسجيل : 15/09/2009

العلم هو طريق المستقبل

» أرجو الدخول بسرعه